قال الله تعالى في شأنه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ} (الشعراء: 141-142).
أرسل الله تعالى صالحاً عليه السلام في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح عليه السلام، وهي قبيلة ثمود، وسميت بذلك نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح (عليه السلام)، وقيل: ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح (عليه السلام). وسيدنا صالح عليه السلام من هذه القبيلة، ويتصل نسبه بثمود.
أما نسبه: فهو: (صالح عليه السلام) بن عبيد بن أسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر ( أو ) صالح بن جابر بن ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن (نوح عليه السلام). والله تعالى أعلم.
كانت مساكن ثمود بالحِجْر، ولذلك سماهم الله في القرآن الكريم أصحاب الحِجر بقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(الحِجْر: 80 ، 84)
والحِجْر: أرض بين الشام والحجاز إلى وادي القرى، وتقع في الطريق البري للمسافر من الشام إلى الحجاز. وآثار مدائن هؤلاء القوم ظاهرة حتى الآن، وتسمى مدائن صالح، كما تعرف ديارهم باسم (فجّ الناقة).
لقد فصل القرآن الكريم قصة سيدنا صالح (عليه السلام) مع قومه ثمود في نحو إحدى عشرة سورة، وهذاأبرز ما فيها : إثبات نبوته ورسالته إلى ثمود.
ذكر أن ثمود كانوا خلفاء في الأرض من بعد عاد.
ذكر أن هؤلاء القوم كانوا:
(أ) آمنين ممتَّعين بنعمة من الله في جنات وعيون، وزروع مختلفة، وأشجار نخيل مثمرة.
(ب) يتخذون من السهول قصوراً، وينحتون الجبال بيوتاً فارهين.
(جـ) أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله.
ذكر أن صالحاً (عليه السلام )دعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم بالتقوى، ونهاهم عن عبادة الأوثان، فآمن معه ثلة قليلة، أما أكثرهم فكذبوه، واستكبروا عن اتباعه، وكفروا برسالته،
وطلبوا منه معجزة تشهد بصدقه، فجاءهم بمعجزة الناقة، وقال لهم: ذروها تأكل من أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب، فأصروا على العناد، وبعثوا أشقاهم فعقر الناقة، فقال لهم: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب).
ولما حان أجل العذاب أرسل الله عليهم الصيحة مصبحين، فدمرتهم تدميراً، وأصبحوا في ديارهم جاثمين هلكى، وأنجى الله برحمته سيدنا صالحاً والذين آمنوا معه. وتم بذلك أمر الله وقضاؤه: (سنة الله في الذين خلَوا من قبل).
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم:
كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٤١﴾
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٤٢﴾
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٤٣﴾
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٤٤﴾
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٤٥﴾
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴿١٤٦﴾
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٤٧﴾
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴿١٤٨﴾
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴿١٤٩﴾
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٥٠﴾
وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٥١﴾
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴿١٥٢﴾
قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ﴿١٥٣﴾
مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿١٥٤﴾
قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴿١٥٥﴾
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥٦﴾
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴿١٥٧﴾
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٥٨﴾
اقرأ ايضاً